التحديات المالية

التحديات المالية التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة

التحديات المالية التي تواجهها الشركات:

إنّ إنشاء وإدارة شركة صغيرة أو متوسطة الحجم (SME) هي رحلة مثيرة مليئة بالفرص والعقبات. لذا باعتبارك رائد أعمال، فإنّ فهم التحديات المالية التي قد يواجهها عملك أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح على المدى الطويل. 

من خلال تدريبي وإرشادي لعشرات الشركات الصغيرة والمتوسطة، أستطيع أن ألخّص لكم التحديات المالية في خمسة تحديات يواجهها أصحاب الشركات واستراتيجيات التغلّب عليها:

التحديات المالية
التحديات المالية

التحدي الأول: جذب عملاء جدد

معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قمت بتدريبها على أساسيات الإدارة المالية كان القاسم المشترك الأكبر بينها هو الصعوبة في جذب عملاء جدد. هذا التحدي لا يقتصر على الشركات الجديدة فقط؛ حتى الشركات القائمة كانت تواجه ذلك.

الحلّ: 

الاهتمام بالعلامة التجارية الذكية أمر بات حتمياً وضرورياً. لذا استثمر في إنشاء هوية تجارية قوية يَسهُل على العملاء التعرف عليها لمدّ جسور الثقة بشكل أفضل. كما عليك المباردة بالمشاركة في أحداث التشبيك والتواصل مثل المؤتمرات والمعارض، واستخدام قنوات التسويق المناسبة لمنتجك، والأهم الحفاظ على خدمة عالية الجودة للاحتفاظ بالعملاء الحاليين فهم أهمّ السفراء لعلامتك التجارية.

إحدى الفرق التقنية التي قمت بإرشادها في بغداد في عام 2020، كان لديهم مشكلة في جذب العملاء لخدماتهم رغم تفوقهم كفريق برمجي. أخبرتهم بصراحة: “ولا عميل تجاري سيتعاقد معكم طالما أنكم فريق ولستم شركة. قد يطلب خدماتكم الأفراد، ولكن ليس الشركات. لذا عليكم تأسيس شركة بسجل قانوني، واعتماد اسم تجاري وعلامة تجارية إذا أردتم جذب مشاريع أضخم”. 

التحدي الثاني: الحفاظ على الربحية

بغضّ النظر عن القطاع، فإنّ كلّ شركة تسعى جاهدةً للحفاظ على الربحية خصوصاً في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية التي تسبب ارتفاع التكاليف وتقلبات في السوق والنفقات غير المتوقعة.

الحلّ:

قم بمراجعة النفقات بانتظام واحرص على ضبطها وتحديد المجالات التي يمكن خفض التكاليف فيها. فمثلاً فكّر في خيارات العمل عن بعد لتوفير التكاليف العامة. احرص على تبسيط العمليات وأتمتتها لتحسين الإنتاجية وتقليل الهدر.
قم بمراجعة نموذج العمل الحالي واكتشف طرقاً جديدة لزيادة المبيعات والإيرادات مثل تنويع عروض المنتجات أو التوسّع في أسواق جديدة أو التوجّه لشرائح جديدة من الزبائن لم تكن تعيرها اهتمامك.

قدّمت خدمة التدريب المالي لصاحب معمل في الموصل في عام 2021، كان لديه مشكلة حقيقية في الحفاظ على الأرباح الشهرية نتيجة أن الطلبات لديه موسمية، وهنا اقترحت عليه تقديم الخدمات التخصصية المرتبطة بمجاله لجذب زبائن جدد وتنويع مصادر الإيرادات.

التحدي الثالث: الاحتفاظ بالموظفين القيمين

قد لا يلاحظ أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة أهمية موظّفيهم إلا بعد خسارتهم لصالح شركات أخرى وغالباً منافسة.

الحلّ:

لذا أظهر التقدير الحقيقي لجهود فريقك من خلال التعرّف على مساهماتهم وتقديم المكافآت المادية والمعنوية وتوفير فرص النمو لهم.
مع نموّ الأعمال، قم بتعديل الرواتب لتعكس قيمة الموظف وتقديرك لجهوده. والأهمّ أن تتعامل معه على أنه شريك في النجاح وأهمّ مورد في الشركة.

إدارة الشركة التي أعمل معها كاستشاري نظام الجودة، أصرّت بمرحلة معينة على عدم رفع الرواتب بنسبة 50% رغم التضخم الجنوني الذي يعاني منه الاقتصاد الوطني. أدّى ذلك بالطبع إلى استقالة موظّف كفؤ جداً وانتقاله إلى شركة منافسة. لم تكتشف الإدارة خطأها إلا عندما حاولت توظيف شخص مكانه ففوجئت بأنّ كل من أتوا إلى المقابلة طلبوا ضعف الراتب على الأقل.

التحدي الرابع: تأمين التمويل

لا يزال الوصول إلى التمويل أهمّ مصدراً للقلق عند معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قمت بإرشادها، خصوصاً أنّ الإقراض التجاري في بلدان الشرق الأوسط ليست عملية سهلة حتى الآن، لذا فإن البنوك التقليدية ليست الخيار الوحيد.

الحلّ:

استكشاف البدائل التمويلية المتوافرة في السوق الذي تعمل فيه: انظر إلى ما هو أبعد من البنوك التقليدية. فكر في مؤسسات التمويل الصغير، مسابقات ريادة الأعمال، المستثمرين الملائكة، والمستثمرين المغامرين.
وحتى تقنعهم بالاستثمار، يتوجب عليك تسجيل شركتك بشكل قانوني وإثبات قدرتك على التخطيط المالي القوي. لذا قم بإنشاء خطة مالية مفصّلة بمساعدة المختصّين أمثالي لإثبات جدوى عملك للمستثمرين المحتملين.

أنصحك حقاً بمشاهدة برنامج شارنك تانك النسخة المصرية للإطلاع كيف يقوم روّاد الأعمال بتحضير أنفسهم بشكل ممتاز للحصول على التمويل.

التحدي الخامس: التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا

غالبًا ما تتأخر الشركات الصغيرة والمتوسطة خصوصاً تلك ذات الخدمات أو المنتجات التقليدية في تبني التقنيات الجديدة والتحول الرقمي في أعمالها، بسبب عدم قناعتها بالأثر الإيجابي لذلك على أعمالها مقارنة بالتكلفة، أو عدم فهمها لهذه الأدوات وكيفية دمجها في العمل.

الحلّ:

ما يناسب غيرك قد لا يناسبك، لذلك لا تتخذ قرارك بناء على “الترند” وإنما عليك الاستثمار بحكمة من خلال إعطاء الأولوية للاستثمارات التقنية التي تؤثر بشكل مباشر على الكفاءة أو تجربة العملاء أو توفير التكاليف.
كما يجب الاستثمار في تدريب الموظفين على استخدام الأدوات الجديدة بفعالية وتقبّل الحلول الرقمية المقترحة من قبلهم لتحسين العمليات التجارية.

رائد أعمال عراقي تشرّفت بتدريبه وإرشاده في عام 2020، كان مقبلاً على إطلاق خدمة تسويقية الكترونية جديدة من نوعها في السوق العراقي وكان من الواضح أنّ الإيرادات ستتدفق عليه بمبالغ ضخمة، لذا نصحته بتوظيف محاسب وشراء برنامج محاسبي وتسجيل كل دينار يصرف أو يقبض وفق المبادئ المحاسبية. أتفاجأ بعد عامين بأنّه يشكرني على هذه النصيحة التي جعلت أرباحه تتجاوز مئات آلاف الدولارات. 

هل هذه الحلول غير كافية لما تواجهه من التحديات المالية؟ إذاً عليك أن تراجع هذا الدليل الذي طوّره مجموعة من الخبراء الذين عملوا لسنوات عديدة مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في أنظمة بيئية مختلفة.

وتذكّر دوماً أن مواجهة هذه التحديات المالية تتطلب اتباع نهج استباقي والقدرة على التكيف والتعلم المستمر. ومن خلال التغلب على هذه العقبات المالية، يمكن لشركتك الصغيرة والمتوسطة أن تزدهر وتساهم في النمو الاقتصادي.

اضغط هنا لقراءة كافة المواضيع في مدونتي

    Hello